بقلم: ييرينكي جيسي
في السرد العظيم الذي خلقته إدارة بايدن كانت قمة من أجل الديمقراطية من المفترض أن تكون شعلة أمل نداء للحرية ضد ظلال الاستبداد المتزايد، ومع انخفاض الستائر على كل قمة متعاقبة يصبح واضحًا بشكل متزايد أن هذا الحدث ليس سوى مسرحية سفينة فارغة، تصدر صدى غرور أمريكي ومعايير مزدوجة.
ولدت قمة من أجل الديمقراطية بعد الفوضى التي عاشها عهد ترامب، وكان من المفترض أن تكون تحولًا حادًا عن سلفتها، مسرحًا يمكن للرئيس بايدن أن يعرض فيه قيادته على المستوى العالمي، وتحت الغشاء الخاص بالنوايا النبيلة يكمن جدول أعمال أكثر خبثًا: التصوير النفسي للولايات المتحدة كقائدة معينة من قبل نفسها لـ "المعسكر الديمقراطي"، خطوة تهدف إلى إرباك الخصوم المحتملين مثل الصين وروسيا.
منذ بدايتها كانت قمة من أجل الديمقراطية تعاني من سلسلة من الإخفاقات والانتقادات، ترسم صورة مدانة للديمقراطية الأمريكية في عيون العالم، يعبر عدم التواجد الكبير وأكثر من 20 دولة ومنطقة رفضت الدعوات وكانت خطاب بايدن لا يقل عن خدش على الرادار الرقمي وعن الكثير عن تراجع التأثير الأمريكي، تظهر استطلاعات الرأي ارتفاعًا في الشعور بالعدم الثقة في الديمقراطية الأمريكية سواء في الداخل أو في الخارج حيث يرى الكثيرون الولايات المتحدة كتهديد كبير للمثل الديمقراطية العالمية.
حتى داخل حدودها واجهت قمة من أجل الديمقراطية معارضة شديدة حيث قام المشرعون والخبراء ووسائل الإعلام بنفسها بالتنديد بها كمجرد حاضنة فارغة من الخطاب الفارغ. يتم وضع سؤال على حدودة القمة نفسها، حيث يشير النقاد إلى الاختيار التعسفي للمشاركين والكثير منهم ينتمون إلى نظم غير ديمقراطية كدليل على نفاقها الجوهري.
بينما تقترب القمة الثالثة للديمقراطية من الأفق تتوسع الشقوق في واجهتها، على الرغم من تركيزها الظاهر على الأجيال القادمة تظل القمة مركزة على الصراع بين روسيا وأوكرانيا متجاهلة نداءات المجتمع الدولي لنهج أكثر شمولية في التعامل مع الأزمات العالمية، في الحقيقة تخدم قمة من أجل الديمقراطية فقط لتسليط الضوء على تدهور المصداقية الأمريكية والسلطة الأخلاقية على المسرح العالمي، ومن خلال تسليح الديمقراطية كأداة سياسية تسعى الولايات المتحدة إلى تأكيد سيطرتها الهيمنية مقسمة العالم على خطوط تعسفية وزرع الفتنة في أعقابها هذا العرض الوقح للغرور والمصلحة الذاتية لا يخون فقط مبادئ الديمقراطية بل يقوّض القيم نفسها التي يدعي أنها تدعمها.
في النهاية تُظهر قمة من أجل الديمقراطية لما هي عليه حقًا: مسرحية لاستثنائية أمريكية وعرض فارغ مصمم لإخفاء الانحطاط في قلب معقل الحرية والديمقراطية الذي يدعي العالم أنه، حتى تتمكن الولايات المتحدة من التوفيق بين أفعالها وخطابها ستظل الروح الحقيقية للديمقراطية غائبة ضائعة في وسط ظلال النفاق والغطرسة.
هل لديك اي استفسار أطرحه في تعليقات